الأحد، 23 ديسمبر 2018

  

درس الرغبة
المحور الثالث: الرغــــــبــة والســعــــــــــــادة
تــــقــــديـــــــــــم :
تتعدد الرغبات وتتنوع حسب الموضوعات التي يرغب فيها الإنسان، فهناك الرغبة في المعرفة، الرغبة في المجد، الرغبة في التغلب، لكن أقوى الرغبات هي الرغبة التي تولد السعادة في نفس الإنسان.
ماذا تحقق الرغبة لدى الإنسان: السعادة أم الشقاء؟ وهل يمكن أن يكون الإنسان سعيداً بدون إرضاء جميع رغباته ؟ وهل السعادة تتحقق بإشباع الحاجات الجسدية أم الروحية ؟
تحليل النص ص 36:
التعريف بصاحب النص: ديكارت ولد سنة 1596 وتوفي سنة 1650، من مؤلفاته " مقال في المنهج "، " مبادئ الفلسفة "، " تأملات ميتافيزيقية "و " انفعالات النفس".
إشكال النص:
هل الرغبة لدى الإنسان تحقق السعادة أم الشقاء ؟
أطروحة النص
يرى ديكارت أن الرغبة تحقق السعادة للإنسان، ذلك أن الطبيعة الإنسانية مهيأة للتمتع بكل ما هو ملذ وممتع، وهذا يخلق للذات نوعا من البهجة، وإذ يقر بتعدد الرغباتبتعدد مواضيعها، وتفاوتها بتفاوت درجات بهجاتها، فإنه يفاضل بينها، ليضع الرغبة المتولدة عن الإحساس بالبهجة هي أقوى الرغبات، هذه الأخيرة، متمثلة في الميل نحو شخص نعتقد فيه صفات الكمال الذي بإمكانه أن يشكل ذاتنا الأخرى، والواقع هذا الميل هو الذي يعكس رغبة الحب .
مفاهيم النص:
النفور: كراهية الشيء والإبتعاد عنه.
المعرفةمجموع العمليات الذهنية التي تقوم بها الذات الواعية من أجل فهم أو تفسير موضوع ما، وتتطلب ذاتاً عارفة و موضوعاً للمعرفة و منهجاً لها .
الخير: هو الممتع أو المفيد، أو الذي يحمل قيمة أخلاقية إيجابية.
الطبيعة: المقصود بها الوجود والأشياء التي خلقها الله في الطبيعة.
حجاج النص:
اعتمد ديكارت لإثبات أطروحته على مجموعة من الأساليب الحجاجية، نذكر منها:تقنية القسمة:  تقسيم الرغبات تبعا للموضوعات التي تنصب عليها.
رد المتعدد إلى الواحد: وتصنيف الرغبات واختزال كثرتها بردها إلى أصناف قليلة العدد.
في النص : الرغبات على اختلافها ليست سوى أجناس لنوعين رئيسين الحب والكراهية أو البهجة والنفور: يكفي أن علم أن هناك أنواعا من الرغبات بقدر ما هناك من أنواع الحب والكراهية ".
تقنية السؤال الخطابي وهو السؤال الذي يعقبه مباشرة جوابه ويدخل هذا النوع من السؤال ضمن تقنيات العرض والحجاج ومن أهدافه: توجيه انتباه القارئ وإعداده لتلقي الجواب، حثه على متابعة القراءة، خلق دينامية داخلية وفضاء حواري. وأكثر من يستعمل هذا النوع من السؤال الخطباء والمدرسون.
في النص : فما الرغبة التي تولدها البهجة ؟
الأمثلة استعملت الأمثلة لتوضيح الأفكار المجردة. تكمن الأهمية الحجاجية للمثال في كونه يخاطب المخيلة ويسهل عملية حصول التصور المجرد في الذهن من ثم التصديق، لأن العلم تصور أولا ثم تصديق.
في النص : ومثال ذلك أن جمال الأزهار يحظنا على
لو أخدنا مثلا الفضول وحب الاستطلاع...
أساليب بلاغيةتقدم القضايا بصيغة الاقتراح والحث دون إلزام:
في النص: لكن يكفي أن نعلم بأن
إنه من الأصوب أن نميز بين.
تحليل النص ص 37:
التعريف بصاحب النص: أبيقور ( 341 – 270 ق.م) فيلسوف يوناني جعل اللذة في مرتبة الحكمة، من أهم ما تبقي من أعماله " رسائل ".
إشكال النص: هل اللذة هي مبدأ وغاية الحياة السعيدة ؟
أطروحة أبيقور :
يعتبر هذا الفيلسوف اليوناني بأن اللذة هي مبدأ الحياة السعيدة وغايتها، فالإنسان بإشباع رغباته الجسدية يحقق سلامة البدن ويتجنب الآلام، وبإشباع رغباته النفسية يتجنب اضطرابات النفس، إذن فالحاجة إلى اللذة بالنسبة للإنسان حاجة ضرورية حسب هذا الفيلسوف، حيث لا يحدث أن يرغب الكائن بشيء إلا إذا كان يحقق له اللذة والمتعة، واللذة هي ذلك الخير الرئيسي والطبيعي، بل وهي مقياس لكل سعادة، وفي هذا الصدد يقول أبيقور " إن كل لذة هي في ذاتها خير، إلا أنه لا ينبغي أن نبحث عن كل اللذات".
لموقف الرواقي(سينيكا): تكمن السعادة في اتباع العقل والرضا بالمصير.   تتمثل السعادة حسب سينيكا في التحرر من سيطرة الرغبات والأحاسيس الغريزية الحيوانية، ودلك عن طريق الاستعمال السليم للعقل الذي من شأنه أن يمكننا من معرفة حقيقة الذات الإنسانية، ويجعلنا نصدر قرارات عقلية صحيحة حول الأشياء يكون مصدرها هو العقل السليم. كما تتمثل السعادة أيضا في الاستقامة ونهج السلوك الأخلاقي الفاضل، وعدم المبالغة في التفكير في المستقبل، والقناعة بما تحقق في الحاضر. فالسعادة إذن هي تعقل للرغبات وتحرر من سيطرتها وسلطتها عن طريق الاستعمال السليم للعقل.  
تحليل النص ص 37:
التعريف بصاحب النص: أحمد بن مسكويه ( 320 – 421)، مفكر عربي إسلامي اهتم بدراسة الأخلاق والتاريخ والفلسفة، من مؤلفاته: " الحكمة الخالدة "، " تجارب الأمم ".
إشكال النص: هل تكمن السعادة في قهر اللذة ؟
أطروحة النص:
يميز ابن مسكويه بين اللذات الحسية الحيوانية و اللذات العقلية الشريفة، الأولى تتعلق بالجسم بينما تتعلق الثانية بالنفس ومن جعل سعادته القصوى في تحصيل اللذات الحسية فقد رضي بأخس العبودية لأخس الموالي.
ويرى هذا المفكر بأن السعادة الحقيقية تكمن في قمع النفس العاقلة للنفس الشهوانية والغضبية، فالإنسان في نظره لا تتحقق إنسانيته إلا بالإبتعاد عن أهواء النفس وشهواتها الحسية.
خلاصة المحور الثالث " الرغبة والسعادة":
إذا كان أبيقور يرى بأن اللذة ضرورية لسعادة الإنسان بالنسبة للنفس والجسم، فإن ديكارت وابن مسكويه يؤكدان على أن السعادة من أفعال العقل عندما يستعمل في اتجاه تحقيق الخير وليس الشر.
خلاصة عامة حول مفهوم الرغبة:
للإجابة على سؤال الرغبات الإنسانية سواءً كانت جسدية أو روحية، نقف عند المواقف التالية، موقف ميلاني كلاين وهي محللة نفسانية ترى بأن حاجة الإنسان تتحول لا شعورياً إلى رغبة في فترة الرضاعة، أما الأنتربولوجي الأمريكي رالف لينتون فيرى بأن الحاجة والرغبة تتحول تدريجياً في الإنسان بواسطة الثقافة، في حين يؤكد أفلاطون أن الرغبة شهوة لا عاقلة خاضعة للعقل.
أما الرغبة كموضوع فلسفي فإن كل من الفيلسوف جيل دولوز الفرنسي المعاصر الذي يرى أن الرغبة إنتاج للصراع الطبقي داخل المجتمع، والفيلسوف الحديث اسبينوزا الذي يؤكد على أن الوعي والإرادة هما المتحكمان في رغبات وشهوات الإنسان، أما الفيلسوف المثالي هيغل فيرى بأن إشباع الرغبة يقتضي تدمير الموضوع المرغوب فيه أي إلغاء وجوده المستقل عن الذات، لأن الرغبة لا توجد مستقلة عن وعي الذات، في حين يؤكد عالم النفس جاك لاكان بأن الرغبة لا شعورية وتنفرد من سلطة الذات والعقل، أما عند الحديث عن كيفية تحقق السعادة لدى الكائن البشري، فإن الفيلسوف ديكارت وابن مسكويه لا يختلفان عن كون العقل والنفس العاقلة هما المؤديان إلى سعادة الإنسان بكون هذا الأخير كائناً عاقلاً يسيطر على شهواته كما يشاء عكس الحيوانات التي تحكمها الفطرة، في حين يرى الفيلسوف اليوناني أبيقور المنتمي إلى المدرسة الرواقية بأن اللذة هي مبدأ الحياة السعيدة وغايتها، فالإنسان بإشباع رغباته الجسدية يحقق سلامة البدن ويتجنب الآلام، وبإشباع رغباته النفسية يتجنب اضطرابات النفس، وبالتالي فالحاجة إلى اللذة بالنسبة للإنسان حاجة ضرورية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق