الاثنين، 24 ديسمبر 2018


المحور الثالث من درس اللغة: اللغة والسلطة
السلطة: هو كل إكراه يمارس على الفرد ضدا على إرادته ووعيه، سواء كان إكراها بيولوجيا {الغريزة} أو سيكولوجيا {اللاشعور} أو سيسيولوجيا {اللغة،القوانين...}.
0 -اللـــغة والســــلطة: تأطير إشكالي: كيف ترتبط اللغة بالسلطة؟ هل اإلنسان حر في الكالم كما يشاء دون أن يتقيد بأي قاعدة أو تقليد؟ أليس للكلمات سلطة على الذات المتكلمة؟ أال يمارس المجتمع سلطته على الفرد من خالل اللغة؟ هل لكلمة الطيبوبة معنى في غياب القوة ؟
-تحليل نص جورج غيسدورف
إشكالية النص : كيف تبدو العلاقات الإنسانية في ارتباطها بسلطة الكلمات وبالأنظمة التراتبية الاجتماعية؟ كيف يؤدي الإخلال بسنن اللغة إلى تهديد النظام الاجتماعي؟ إلى أي حد تعمل اللغة على إخراجنا من قوقعة الذات نحو عالم الآخرين؟ بأي معنى نفهم أن اللغة هي السبب الرئيس في شقاء الوعي الإنساني؟ وكيف يعد هذا الشقاء ضروريا؟
أطروحة النص :
أفكار النص : * عالم العلاقات الاجتماعية عالم تسوده سلطة الكلمات التي نتواصل بها وفقا لما يفرضه المجتمع . * كل فرد ملزم باحترام سنن اللغة التي يفرضها عليه النظام الاجتماعي، وكل إخلال به يهدد توازن هذا النظام، وتوازن الذات . * وعي الشخص وإستقلاله لا يتحققان في غياب التنظيم الذي تدخله اللغة وإستعماالتها الصحيحة والتي بها ينفتح على العالم وعلى الآخرين من أمثاله .
أساليب النص ووظائفها : اأسلوب الـــــجمل الـــــــوظيفة
العرض .. عرض العلاقة القائمة بين المجتمع واللغة كنظام إجتماعي . التمثيل .... إثبات أن المجتمع يفرض سلطته على أفراده من خالل سنن لغوي عليهم إستعماله على نحو صحيح .. "إن إدخال النظام على الكلمات، هو في نفس الوقت إدخال النظام على أفكارنا، وتنظيم العالقات بين الناس "
... الاستنتاج
مــــــناقشة: :)نيتشه ( أطـــــروحة النص
للكلمات معنى يحدده القوي بسلطته التي يفرضها على الضعفاء وعلى األشياء، فتسمية األشياء سلطة يتصارع حولها األقوياء والضعفاء . أفـــــــكار النص : * )أنظر نص نيتشه: ما الذي يجعل القوي يحكم على أفعاله بأنها طيبة؟، (. تــــركيب : بعد هذا الطواف التأملي، يمكننا أن نخلص إلى أن اللغة سلطة يفرض من خاللها المجتمع سلطته على أفراده، ويلزمهم بالخضوع لسننه، على أن إبداع اللغة وتحديد معانيها شيء يصنعه األقوياء فحسب، فيما يكتفي العبيد بلوكها في معيشهم اليومي . المفاهيم : اللغة : حسب الالند تعني وظيفة التعبير الكالمي عن الفكر داخليا وخارجيا، وتعني كذلك كل نسق من العالمات يمكن أن يتخذ وسيلة للتواصل. وفي معجم الروس للساني هي قدرة إنسانية على التواصل بواسطة اللسان، وهي قدرة تستخدم تقنية جسدية معقدة وتفترض وظيفة رمزية ومراكز عصبية متخصصة وراثيا. الفكر: مجموع العمليات النفسية التي يطلب اإلنسان بواسطتها مبادئ األشياء إعتمادا على التأمل والترتيب والقصدية. السلطة: كل إكراه يمارس على الفرد ضدا على وعيه وإرادته، سواء كان إكراها بيولوجيا)الغريزة( أو سيكولوجيا)الالشعور...( أو سوسيولوجيا )اللغة، القوانين، االخالق...(
_نيتسه كفيلسوف ألماني حاول في كتابه جنيالوجيا الأخلاق، أن يرصد العلاقة القائمة بين اللغة والفكر، من خلال استقطابه لمنطق الفقراء والنبلاء ، معتبرا أن كل التسميات التي تطلق من طرف الفقراء، هي تسميات فرضة ذاتها كفعل على هذه الطبقة الكادحة، حيث الطيبون فرضو سلطة الطيبوبة عن طريق الفعل والممارسة. كل هذا وحسب #نيتسه يعطينا المعاني الكبرى والعامة في المجتمعات {حكم النبلاء للفقراء والعبيد}
- أطروحة رومان جاكو بسون : نعتبر اللغة في النظرية التواصلية لجاكوسيون أداة تبليغ للمعرفة والأفكار والمشاعر والمعلومات في إطار من الوضوح والشفافية بشرط توفر العناصر التالية : ا- السياق 2 – المرسيل 3 – الرسالة 4 – المرستل إليه إلا نضال السنن (اللسان المشترك) لكن هذه الوظيفة التواصلية للغة باعتبارها علاقة نقل خبر أو معلومات وأن هذه المعلومات هي بالتعريف تظهر على نحو صريح مكشوف أمام المتلقى قد أضحت موضع تساؤل من طرف اللسانيين أنفسهم فهل تكون اللغة أداة شفافة وبريئة تمكن من نقل الأخبار بهذا الوضوح والشفافية ؟ ألا يمكن أن نقول العكس، أن اللغة أداة إخفاء وكتمان وكذب ؟ .
2- أطروحة ديكرو : يرى ديكرو أن العلاقات بين الذوات لاترتد إلى التواصل بمعناه الضيق : وإنما تندرج تحت طائلة من العلاقات البشرية لا يصبح فيها اللسان أداة تواصل فقط، وإنما إطار مؤسسا تقوم عليه تلك العلاقات، لايصبح اللسان شرطا للحياة الاجتماعية فقط وإنما بمطالها، يحقد معها براءته، وشفافيته، هذا ما تؤكده التجربة اليومية، ذلك أن اللغة ليست وسيطا نريها وشفافا بين الدوان المتخاطبة بل كثيرا ما تنقلب إلى آلية للإخفاء والكتمان، أو التظاهر بالإخفاء بواسطة آلية الاخصار، تتحول معها اللغة إلى قواعد لعب يومي لا بالمعنى السطحي للكلمة وإنما كاستراتيجية يعتمد الحساب والتقدير المسبقين للنتائج، لايتحمل معها المتكلم مسؤولية النطاق بها. تعود ضرورة الاخمار هذه في العلاقات الاجتماعية إلى مجموعة من المحرمات اللغوية والدينية والاجتماعية والثقافية وإلى عوامل نفسية لاشعورية أو شعورية، ولاتقف هذه الإكراهات عند هذا الحد بل هناك إكراهات وإلزامات أخرى تفرض سلطتها على المتكلم تسمى بالإكراهات اللسانية فما هي هذه الاكراهات ؟ وكيف تفرض اللغة تسيطرتها على المتكلم ؟ .
الإشكالإن الإنسان حيوان لغوي وهو الوقت نفسه حيوان عاقل. ولذلك هناك ارتباط قوي بين اللغة والعقل؛ فهذا الأخير يستخدمها للتعبير عن أفكاره. لكن هل باستطاعة عقل الإنسان أن يستخدم اللغة بحرية كاملة؟ ألا يمكن القول بأن اللغة تمارس سلطة قمعية على الإنسان؟ لكن أين تتجلى هذه السلطة؟ هل في الشكل أم المضمون؟ هل هي سلطة تتعلق بالبنية التركيبية الداخلية للغة أم بارتباطها بالمؤسسات الاجتماعية والأشخاص الناطقين باسمها ؟
1- أطروحة رولان بارت:
· 
سنستخلص أطروحة رولان بارت والأفكار المرتبطة انطلاقا من النص، ص55:
يعتبر رولان بارت أن «اللغة تشريع واللسان سننه»، ولعل المقصود بذلك هو أن اللغة ملكة إنسانية توجد عند جميع الناس، والإنسان يشرع بها قوانينا ويعبر بها عن أفكار وتصورات ومشاعر إلا أنه لا يمكنه ذلك إلا باللجوء إلى الرموز اللسانية التي تترجم من خلالها الأفكار والمشاعر تبعا لقواعد وضوابط كل لسان. فاللغة إذن في حاجة إلى اللسان، إذ يمثل تحققها الفعلي على أرض الواقع
لكن كيف يمارس الإنسان التعبير عن طريق اللسان؟ هل يمارس الإنسان اللسان واللغة بشكل حر؟ ألا يمكن القول بأن للسان سلطة قمعية على الإنسان؟ وأين تتجلى هذه السلطة؟
لقد اعتبر بارت أن اللسان يتضمن سلطة خفية تمارس علينا بشكل دائم بحيث لا ننتبه إلى طابعها القمعي. وتتجلى سلطة اللسان في أنه يخضع لنظام وترتيب وتحكمه قواعد نحوية وصرفية وتركيبية، ونحن حينما نتكلم به فنحن ننضبط لتلك القواعد بالضرورة وإلا أنتجنا كلاما غير مفهوم أو خارج عن الصواب. وهذا يعني أن اللغة تمارس علينا سلطة من خلال خضوعنا لبنيتها التركيبية الداخلية، فهناك إذن سلطة محايثة للغة وكامنة بداخلها
ولتوضيح هذه الفكرة وتدعيمها قدم لنا رولان بارت الأمثلة التالية من اللغة الفرنسية:
إنني ملزم في اللغة الفرنسية أن أبدأ بالفاعل قبل الفعل، وهذا مخالف للغة العربية مثلا حيث نبدأ فيها بالفعل ثم الفاعل بعد ذلك. مما يعني أن لكل لغة بنية تركيبية تمارس من خلالها سلطة وإلزاما على المتحدث بها.
أنا ملزم في اللغة الفرنسية أيضا بأن أتحدث بصدد الأشياء عن المذكر أو المؤنث، أما المحايد فهو غير متاح وغير ممكن. وهذا يعبر عن نوع من الإلزام الذي يحد من حريتي في ممارسة اللغة والتعبير عن أشياء الواقع.
إنني ملزم أيضا في اللغة الفرنسية إما أن أخاطب الآخر بضمير المخاطب العادي “أنت” أو ضمير المخاطب المعظم “أنتم”، أما تعليق تعاملي مع الآخر اجتماعيا وعاطفيا فممنوع علي.
هكذا يبين رولان بارت أن سلطة اللغة هي سلطة داخلية وبنيوية تتعلق ببنية اللغة ذاتها.؛ حيث تتكون اللغة من عناصر تتحكم فيها علاقات حتمية وضرورية تنعكس على حرية المتكلم بها إذ تقيده بالقواعد والضوابط التي تحكم هذه البنية الداخلية للغة.
انطلاقا من كل هذا، فأن نتكلم ليس هو أن نتواصل بل أن نسود ونسيطر. فاللغة إذن لا تمكننا من تبليغ أفكارنا كما نريد من جهة،إذ تتيح لنا التعبير عن بعضها وتحجب عنا بعضها الآخر تبعا لبنية كل لسان على حدة، كما أنها من جهة أخرى تمكننا من استخدامها للتأثير على الآخر وإخفاء أفكارنا عنه، وكأن اللغة هنا هي لعبة أقنعة فيها الإظهار والإخفاء، الصدق والكذب.
ويتحدث رولان بارت عن خاصيتين أساسيتين للسان هما:
أ‌سلطة الإثبات والتوكيد القطعي: ذلك أن الإنسان يعتمد في إثباته أو نفيه لأفكار ما أو الشك فيها على أدوات لغوية تتعلق برموز اللسان وقواعده النحوية والإعرابية والتركيبية. كما يتحدث بارت عن أقنعة خاصة باللغة، ولعل المقصود بذلك هو أن اللغة تمارس علينا سلطة خفية لا نكاد نحس بها، وفي نفس الوقت أن المتكلم باللغة يمارس التمويه والخداع على الآخرين بالاعتماد على الأدوات التي تتيحها لعبة اللغة.
ب‌الطابع القطيعي للتكرار: ولعل المقصود بذلك هو أن اللغة تجعل الإنسان خاضعا وتابعا لسلطتها وكانه فرد داخل قطيع. أما طابع التكرار فيتجلى في كون قواعد اللغة هي قواعد متوارثة وتكرر نفسها جيلا بعد جيل، وهي بذلك تترسخ لدى أفراد المجتمع وتمارس عليهم سلطة داخلية.
بالرغم من السلطة الكامنة في اللغة، يمكن القول بأن الإنسان ليس عبدا للغة بشكل تام بل يمتلك قسطا من الحرية في ممارستها. فصحيح أن الإنسان مكره وملزم بالخضوع لقواعد اللغة وبنيتها الداخلية، لكنه مع ذلك يعتبر واضع هذه اللغة ومبتكر لقواعدها، كما أنه يملك قسطا من الحرية في أن يركب بين علاماتها ويبدع في إنتاج أفكار لا متناهية من خلال استعماله للرموز اللسانية.
وإذا كان رولان بارت يتحدث عن سلطة داخلية للغة، توجد في ذاتها، فهناك من الفلاسفة والعلماء من استبعدوا أن تكون للكلمات سلطة خاصة بها، وربطوا سلطتها بالشخص الذي يتحدث بها أو بالمؤسسات والسياقات الاجتماعية التي يتم فيها تداول الكلام وإلقاء الخطاب. ومن بين هؤلاء السوسيولوجي الفرنسي بيير بورديو.
2- أطروحة بيير بورديو:
· 
سنستخلص أطروحة بورديو والأفكار المرتبطة بها انطلاقا من النص ص57:
يوجه بورديو نقده للأطروحة الفلسفية التي تهمل مسألة استعمالات اللغة وشروطها الاجتماعية أثناء تناول مسألة سلطتها. ويعتبر أن مثل هذه الأطروحة ذات بعد سطحي وينعتها بالساذجة، وهو ما يعني أن بورديو يتبنى أطروحة تربط سلطة اللغة بالشخص الذي يستعملها وبمكانته الاجتماعية.
انطلاقا من هنا يميز بورديو بين علم اللسان الذي يدرس اللغة في ذاتها، ويربط سلطتها ببنيتها الداخلية، وبين علم الاستعمالات الاجتماعية للغة والذي يربط سلطة اللغة بشروطها واستعمالاتها المختلفة داخل الحقل الاجتماعي. وينتهي بورديو من خلال هذا التمييز إلى القول بأنه لا توجد سلطة أو قوة للكلمات في ذاتها، بل إن سلطتها تستمدها من الشخص الذي فوض إليه أمر التحدث بها. فاللغة تستمد سلطتها حسب بورديو من الخارج ومن المكانة الاجتماعية للمتكلم بها، كما ترتبط سلطة اللغة بالمؤسسات العلمية والسياسية والاقتصادية التي تفوض لأشخاص بعينهم لكي يتحدثوا بلسانها، وهذا التفويض المؤسساتي هو الذي يمنح لكلام هؤلاء الأشخاص تأثيرا وقوة وسلطة تتماشى مع مكانة تلك المؤسسة في النسيج الاجتماعي.


الأحد، 23 ديسمبر 2018


درس اللغة
أولى باك أدبية
المحور الثاني : اللغة و الفكر
تأطير إشكالي للمحور :
إذا كان الكلام الذي يرادفه في اللغة الفرنسية كلمة من حيث اعتباره إنجازا ماديا للسان كما يصدر عن الفرد المتكلم داخل جماعة لسنية محددة ، فإن الفكر هو مجموع العمليات النفسية التي يطلب الإنسان بواسطتها مبادئ الأشياء اعتمادا على التأمل و الترتيب و القصدية . و عليه فالعلاقة التي تقيمها الاتجاهات التقليدية بين الفكر و اللغة باعتبار هذه الأخيرة علامة للفكر أي ان ظاهرة تعلن عم ظاهرة أخرى كإعلان الدخان عن وجود النار ، هي علاقة خارجية و كان الأمر يتعلق بوجود كائنين يعبران عن و جود موضوعين منفصلين أصلا و قد التقيا و أصبح أحدها ( اللغة ) يشكل مجرد وسيلة تعبيرية للآخر ( الفكر ) أو غلاف أو لباس له .
بينما الاتجاهات الفلسفية و العلمية المخالفة لهذه الاتجاهات التقليدية تعتقد عكس ذلك ؛ إذ تتصور اللغة و الفكر متصلان بشكل عضوي إلى درجة لا يمكن معه تصور الأول بدون الثاني . فهما يشكلان وجهان لعملة واحدة . و امام هذا التقابل بين هذين الطرحين المختلفة تبرز إشكالية العلاقة بين اللغة و الفكر : فهل هما يشكلان وحدة عضوية أم أنهما منفصلان عن بعضهما البعض ؟ لماذا تفشل اللغة في التعبير عن الفكر المتصف بالديمومة و الحيوية ؟ و لماذا يحتاج التعبير اللغوي عن الفكر إلى نضج في أعضاء النطق ؟ ألا يوجد فكر خارج تمرس عضلات النطق و توليفاتها ؟
تحليل نص : “ وحدة الفكر و اللغة “ لمورسي ميرلوبونتي ( فيلسوف فرنسي معاصر 1908 – 1961 ) ينتي إلى الاتجاه الفينومينولوجي .
إشكالية النص :
ما علاقة الفكر باللغة ؟ هل اللغة مجرد تعبير عن مكنونات الفكر ؟
أطروحة النص :
يؤكد ميرلوبونتي أن هناك ارتباطا بين اللغة والفكر ولا يمكن اعتبارهما في أي حال من الأحوال، موضوعين منفصلين. إن التفكير الصامت الذي يوحي لنا بوجود حياة باطنية هو – في الحقيقة- مونولوج داخلي يتم بين
الذات ونفسها، لأن اللغة والفكر يشكلان وجودا علائقيا مرتبطا ومتزامنا. فاللغة في نظره ليست علامة للفكر أو تعبيرا عنه فهي الفكر و الفكر هو اللغة إذ تشكل جسما له بواسطتها يتحقق حضوره في العالم لتحقيق التواصل ما بين الناس فلا للفكر خارج الكلمات .
تحليل البنية المفاهيمية للنص : ا عتمد صاحب النص على بنية مفاهيمية كان اساسها المفاهيم التالية : الفكر ، الكلام ( اللغة ) العلامة ، الوجود الخارجي للمعنى. و يمكن شرح هذه البنية من خلال الأزواج المفاهيمية التالية :
الفكر / الكلام كلغة : يضع النص العلاقة ما بين االفكر و الكلام موضع اهتمام كبير ؛ إذ يرى بأنها علاقة عضوية و ترابطية فلا يمكن تصور فكر بدون كلام و العكس أيضا صحيح .
اللغة / العلامة : يرفض صاحب اعتبار اللغة كلام مجرد علامة خارجية دالة على وجود الفكر كما يشكل الدخان علامة دالة على النار ، لان اللغة ليست وسيلة تعبيرية لمكنونات الفكر أو مجرد غلاف او لباس له .
الوجود الخارجي للمعنى / اللغة الداخلية : يسعى صاحب انطلاقا من موقفه من عدم وجود انفصال ما بين اللغة و الفكر أن يركز على هذين المفهومين لشرح ذلك الموقف الذي يتبناه . فلا وجود خارجي للمعنى الذي يعبر عن ما يجول في الفكر ، و اللغة تلتقطه كوسيلة تعبيرية لتعبر عنها اعتبارا منها أنها تشكل غلافا و لباسا له ، فاللغة الداخلية المشكلة للصمت هي في حد ذاته ضجيج لغوي يوضح بالملموس أن اللغة في اتحاد عضوي مع الفكر .
تحليل البنية الحجاجية للنص : كما اعتمد النص على بنية حجاجية أساسها ما يلي :
أسلوب الدحض : حيث دحض ميرلوبونتي الموقف الفلسفي الكلاسيكي الذي يجعل ن اللغة وسيلة تعبيرية انطلاقا ن اعتبارها منفصلة عضويا عن الفكر .
اسلوب الإثبات : حيث حاول إثبات حضور الفكر في العالم كما تجسده اللغة و قد اعتمد في هذا الإطار على آليات منها : " إن الكلام و الفكر لا ... " إن كلا منهما متضمن ... "
اسلوب النفي : حيث نفى فكرة اعتبار اللغة منفصلة عن افكر ز و قد اعتمد على آليات نها : ليس الكلام علامة ... " ليس بإمكان الكلمات أن تكون معقل الفكر ... " إن الفكر الخالص ليس إلا وعيا فارغا “
مناقشة النص : يمكن مناقشة هذا الموقف لميرلوبونتي من خلال مواقف فلسفية مؤيدة له أو معارضة له فجوليا  كريستيفا الممثلة للاتجاه اللساني المعاصر تؤيد ميرلوبونتي و ذلك من خلال اعتبارها أن بين اللغة والفكر علاقة تلازم وتبعية. حيث ترى جوليا كرستيفا . أن اللغة منظورا إليها من خارج تكتسي طابعا ماديا متنوعا، فيمكنها أن تتمظهر في صورة سلسلة من الأصوات المنطوقة. أو في صورة شبكة من العلامات المكتوبة، أو على شكل لعبة من الإيماءات، وهذه الحقيقة المادية تجسم ما نسميه فكرا، أي أن اللغة هي الطريقة الوحيدة التي يمكن أن يوجد بها الفكر، بل هي حقيقة وجوده وخروجه إلى الوجود، أو كما تقول جوليا كريستيفا: "إن اللغة هي جسم الفكر".
كما يمكن مناقشة هذا الموقف لميرلوبونتي من خلال موقف برغسون، الذي نجده يؤكد ان اللغة كوسيلة تخرج الإنسان من الجهل إلى المعرفة، إلا أنه يعتبرها أداة غير كافية نظرا لطابعها المحدود مقارنة مع الموضوعات اللانهائية، فعلى العقل أن يتدخل باستمرار ليضفي على الكلمات دلائل جديدة من خلال عملية إلحاقها بأشياء لم تكن ضمن اهتماماته قبلا. وهذه الطريقة ينقل العقل الأشياء من المجهول إلى المعلوم، ومن ثمة يرى برغسون أن العقل يستعمل باستمرار الطريقة التي ألفها في تعامله مع المادة الجامدة.
 إنه لا يمكن فهم الموقف البرغسوني في طرحه لعلاقة اللغة بالفكر إلا من خلال التمييز بين ثابتين: عمل العقل وعمل الحدس، فالعقل في نظر برغسون – يتعامل – مثلا – مع الكائن الحي على انه ليس كذلك، وهذه هي الطريقة الوحيدة التي يملكها العقل للتأثير على الأشياء. غير أن هذه الطريقة برغماتية وميكانيكية، تلجا إلى قتل الحي وتثبيت المتحرك، والقضاء على الاتصال، أما الحقيقة فهي متجلية – حسب برغسون – في عمل الحدس الذي يدرك "الديمومة". وإذا اعتبرنا اللغة من إبداع  العقل، فإنها تصبح وسيلة، وأداة خطيرة يستطيع العقل أن يحق من خلالها عمله النفعي، ومن ثمة تكون اللغة عاجزة عن التعبير عن "الديمومة"، وبالتالي عاجزة عن التعبير وعن الفكر الحدسي المدرك لتلك "الديمومة".
 هكذا يتأكد أن الموقف البرغسوني يتلخص في ترجيح كفة انفصال اللغة عن الفكر وعجزها عن التعبير عنه، وتلتقي مع أطروحة برغسون عدة أطروحات أخرى من أبرزها الأطروحة الصوفية، فما قد يفهمه الجمهور من كفر وزندقة وشرك وشطحان المتصوفة (كقول الحلاج مثلا: "ما في الحبة إلا الله" أو قول البسطامي "سبحاني ما أعظم شأني" ، لا يؤكد ذلك في العمق إلا أن التجربة الصوفية تجربة روحية باطنية ووجدانية فردية، تعجز اللغة عن ترجمتها والتعبير عنها بإخلاص.
 و أضا يمكن مناقشته من خلال موقف عالم النفس الأمريكي جون واطسون الذي حاول التأكيد من جهته على أن التعبير عن الفكر يحتاج إلى نضج في أعضاء النطق، وأن العادات العضلية المكتسبة داخل اللغة الظاهرة هي المسؤولة عن اللغة المضمرة والباطنية (الفكر) وأنه بواسطة التوليفات العضلية المكتسبة داخل اللغة الظاهرة هي المسؤولة عن اللغة المضمرة والباطنية (الفكر). وأنه بواسطة التوليفات العضلية تستطيع الإفصاح عن جميع الكلمات.  
خلاصة تركيبية
إن التساؤل الذي يفرض نفسه في هذا الإطار هو: أي الأطروحات يجب الإقرار بها؟ إذا قارنا بين الأطروحات التي بحثت في طبيعة العلاقة الموجودة بين اللغة والفكر، يلاحظ أن الأطروحات التي تؤكد وجود علاقة الانفصال بينهما تتمثل في الطروحات الفلسفية المثالية. في حين أن القول بوجود علاقة التلازم بين اللغة والفكر تتبناها وتدعمها الأطروحات العلمية، فقد بينت – مثلا- الأبحاث العلمية التي أجريت عل ظاهرة الأفازيا أن المرض اللغوي هو في الحقيقة مرض عقلي، كما أكدت الطروحات اللسانية من خلال جوليا كرستيفا أنه لا يمكن الحديث في علاقة اللغة والفكر عن وجودين منفصلين، بل واحد، وفي نفس السياق شبه دي سوسير  العلاقة بين اللغة والفكر بوجه، الورقة وظهرها حيث قال: "إن الفكر هو وجه الصفحة، بينما الصوت هو ظهر الصفحة، ولا يمكن قطع الوجه دون أن يتم في الوقت نفسه قطع الظهر، وبالمثل لا يمكن في مضمار اللغة، فصل الصوت أو فصل الفكر عن الصوت.
 إن إشكالية العلاقة بين الفكر واللغة، تحمل في طياتها إشكاليات أخرى عديدة ومتداخلة، ومن أبرز هذه الإشكاليات، إشكالية الوظائف التواصلية للغة باعتبارها تواضعا اجتماعيا وتأليفا بين عناصر متعددة، فكيف يتحدد التواصل بواسطة النسق اللغوي؟ هل يتحقق التوصل في إطار من الشفافية والوضوح والتأمين أم أن عملية التواصل تدخل عوامل تقصي الشفافية.


درس: اللغة ( أولى باك ) ادبية 

المحور الأول: اللغة خاصية إنسانية
إشكالية المحور: هل اللغة خاصية إنسانية؟ كيف نفسر وجود اللغة عند الإنسان دون غيره؟ ثم ألا يمكن الحديث عن لغة لدى الحيوان؟ وأخيرا ما هي مميزات التواصل الإنساني بواسطة اللغة بالمقارنة مع التواصل الحيواني؟
تحليل نص: “الجهاز الرمزي عند الإنسان“ إرنست كاسيرر
أطروحة النص:تجاوز كاسيرر قولة أرسطو المشهورة في كون الإنسان يعتبر حيوانا ناطقا إلى كونه يعتبر كائنا رامزا خالقا للرموز، يمتلك جهازا رمزيا يتمكن من خلاله من إنتاج عالم رمزي يدرك به واقعه و يتحكم فيه ، و يجعله ، بالتالي يعيش فيه في انفصال عن عالمه المادي المحسوس المباشر . و هذه الصفة هي دليل إنسانيته. وعلى هذا الأساس يرى كاسيرر أنه بدلا من أن نعرف الإنسان باعتباره حيوانا عاقلا، فإن علينا أن نعرفه باعتباره حيوانا رامزا. فالإنسان لا يعيش في عالم واقعي وإنما في عالم رمزي مكون من اللغة والدين والفن والأسطورة. وبالتالي فإن دراسة الإنسان تصبح قائمة على أساس دراسة هذه الرموز. و اللغة والإبداعات الرمزية عامة قد خلقت عالما رمزيا يلعب دور الوسيط بين الإنسان والعالم المادي هذا الأخير ، لا يمكن إدراكه بدون التحويلات التي تقوم بها الرموز. فكون "حيوان رامز". معناه أنه يعي العالم عبر شبكة من الرموز اللامتناهية: فكل ما يعرفه الإنسان عن الواقع هو مقادير ومعايير ودوال... أي رموز أو شبكة رمزية. وكلما أغرق الإنسان في هذه الشبكة الرمزية تراجع الواقع إلى الخلف، والعكس صحيح حسب كاسيرر.
إشكالية النص : لماذا شذ الإنسان عن القواعد البيولوجية التي تحكم حياة كل الكائنات العضوية ؟ ما معنى كون الإنسان كائن رامز ؟ و ما البعد الجديد من أبعاد العالم المادي الذي شكله الإنسان ؟ و ما عناصر هذه الشبكة الرمزية التي أحدثها الإنسان ؟ و بأي معنى يمكن فهم أن الإنسان حيوان رامز ؟
تحليل النص : على مستوى مفاهيمه
تشكل النص من بنية مفاهيمية ناظمة له تتكون من المفاهيم التالية : القاعدة البيولوجية ، الكائن العضوي ، العالم الإنساني الرمزي ، الدائرة الوظيفية الإنسانية ، الجهاز المستقبل ، الجهاز المؤثر ، الجهاز الرمزي ،
و سنحاول أن نقدم شرحا لهذه المفاهيم انطلاقا من الأزواج المفاهيمية التالية :
القاعدة البيولوجية / الكائن العضوي : يسعى كاسيرر إلى الربط بين هذه المفهومين انطلاقا من اعتبار الإنسان في اصله كائن طبيعي لم يختلف عن باقي الكائنات الأخرى الطبيعية على المستوى العضوي ، لكن لا دخل عالم الثقافة تغير الأمر .
العالم الإنساني الرمزي / الدائرة الوظيفية الإنسانية : تغير الدائرة الوظيفية على المستوى النوعي جعل الإنسان يكيف نفسه حسب مقتضيات بيئته الاجتماعية و الثقافية الجديدة ؛ بحيث أصبح مستقلا عن العالم الخارجي بفضل إنتاجه للرموز الثقافية و إبداعه لها . فاصبح عالمه الرمزي الإنساني الخاص به .
الجهاز المستقبل / الجهاز المؤثر / الجهاز الرمزي : عبر الجهازين المستقبل و المؤثر يستطيع الكائن الطبيعي أن يدخل في علاقة مباشرة مع العالم الخارجي يتبادل التأثير و التأثر بشكل آلي، لكن الإنسان استطاع أن يخلق حلقة ثالثة سميت ب” الجهاز الرمزي “ حيث كسرت الدائرة العضوية الضيقية التي كان يحصر الإنسان فيها نفسه و جعلت الإنسان يرسم لنفسه دائرة رمزية أوسع يلعب فيه الاستقبال و التأثير دورا جدليا كبيرا
لقد أنتج الإنسان اللغة و دخل بواسطتها إلى عالم الثقافة حيث الرموز التعبيرية . فبفضل وظائف الشبكة الرمزية اصبح كائنا رامزا منتجا للرموز .  
تحليل النص : على مستوى حجاجه :
صاغ النص أطروحته حول اختصاص الغنسان بالجهاز الرمزي الصانع للتعابير الرمزية كاللغة و ذلك بتوظيفه لمجموعة من الآليات الحجاجية منها :
اسلوب التمييز و التقسيم : ففي ضوء نتائج علم البيولوجيا حاول صاحب النص تقسيم الدائرة الوظيفية إلى قسمين : عند الإنسان و عند الحيوان ، كما حاول التمييز بينها ، لكون هذه الأخيرة عرفت تطورا كميا أدى بالتالي إلى تغيير نوعي .
اسلوب المقارنة : بين الإنسان و الحيوان
اسلوب التعريف : حيث عرف الإنسان بأنه حيوان رامز منتج للرموز متجاوزا بذلك تعريف كل من أرسطو و ديكارت
المناقشة
و لمناقشة أطروحة هذا النص يمكن إبراز الموقف التالية :
موقف ديكارت:
ينطلق ديكارت من قناعة مفادها أن الإنسان وحده الكائن الناطق أو بالأصح الكائن الرمزي الذي يستخدم اللغة المنطوقة/المكتوبة/الحركية للتعبير عن أغراضه ومشاعره وأفكاره… وأساس حضور اللغة (بمفهومها هذا) عند الإنسان هو وجود الفكر لديه ، كما أن علة غيابها عند الحيوان هي افتقاره إلى الفكر. وبهذا تكون عبارة : "الإنسان حيوان عاقل" مرادفة لعبارة "الإنسان حيوان ناطق" ، إذ أن العقل/ الفكر أساس النطق/ اللغة . فلا لغة دون فكر ».إن ما يدعى لغة حيوانية لا يعدو أن يكون حركات طبيعية لا تمثل في نهاية المطاف سوى ردود أفعال غريزية أو قابلة للبرمجة عن طريق الترويض ومن ثم قابلة للتوقع أو أنها استجابات آلية لمثيرات ودوافع. بدليل أن أكمل الحيوانات خلقة وأكثرها ذكاءا وأقدرها على إصدار أصوات كالببغاء لا تنطق نطقا يشهد أنها تعي ما تقول، ويظل "أداؤها اللغوي" دون مستوى أداء أغبى الأطفال أو مستوى الصم والبكم الذين حرموا أعضاء النطق لكنهم قادرون مع ذلك على ابتكار علامات يجعلون بها أفكارهم مفهومة. إن اللغة إذن وظيفة التعبير عن الفكر ودلالة على الوعي الذين ينفرد بهما الإنسان من منطلق كونه مركبا من جوهرين: الجسد وخاصيته الامتداد ثم النفس وخاصيتها التفكير. أما الحيوان فلا يملك غير الحركات الطبيعية أو الإنفعالات.لقد أبان ديكارت أنه يمكن اعتبار الأصوات التي تصدر عن الحيوان مجرد استجابات انفعالية لمؤثرات مرتبطة باللذة أو الألم. فالصوت المشروط باللذة أو الألم لا يمكن اعتباره إلا فعلا منعكسا شرطيا وليس تواصلا. إن اللغة ليست ظاهرة فسيولوجية، لذا يمكن القول بأن الحيوان لا يملك عقلا، ومن ثمة فهو غير قادر على استعمال اللغة.
موقف إميل بنفنيست
أما إميل بنفنيست، فيستند على نتائج علم الحيوانات ( الزولوجبيا ) من جهة والسيميولوجيا من جهة ثانية ليقر بأن الحيوانات كذلك تتواصل إلا أنها لا ترقى إلى نفس مستوى التواصل اللغوي عند الإنسان. فبالاعتماد على بعض التجارب التي أجريت على النحل، بين بنفينست أن النحلة تستطيع التواصل في إطار شروط فزيائية معينة، إلا أن هذا "التواصل" هو عبارة عن رقصات لا تستدعي الحوار: فلا يمكن لنحلة أن تعيد إنتاج رسالة نحلة أخرى (غياب الإرسال المجدد)، وموضوع الرسالة مرتبط دائما بشروط موضوعية ينحصر في مكان وجود الغذاء، لأن لغة الحيوان لغة نمطية، ومرتبطة باستمرار بدوافع غريزية. لذا لا يمكن أن نجد خلافا بين رسالة نحلة وأخرى، إلا فيما يخص متغيرات مرتبطة بالمكان. وأخيرا فإن لغة النحل لا تقبل التحليل (التفكيك) إلى عناصر وأجزاء صغرى نظرا لمحدودية مكوناتها. إن لغة النحل هذه لا تعبر فعلا ولا يمكنها أن تعبر سوى عن عدد محدود من المضامين بسبب محدودية عدد التأليفات والتنويعات الممكنة التي تقبلها لغة الرقصات، كما أنها لا تسمح بقيام حوار إذ تظل الرسالة في اتجاه وحيد دون استجابة لغوية من المتلقي، ودون إمكانية نقلها إلى طرف ثالث، كما تشترط الحضور الفعلي للموضوع الخارجي المشار إليه. وهذه القيود كلها تنفلت منها اللغة الإنسانية ، التي تسمح بالتأليف والتركيب بين عناصر متنوعة (الحروف، الكلمات، الجمل، الفقرات، السياقات...)، إذا تمفصلت فيما بينها يمكن أن تكون لها دلالات متعددة ولا متناهية بالاعتماد على عدد متناه من الحروف والكلمات
ولعل هذه الخاصية هي التي تميز اللغة الإنسانية عن غيرها من أنظمة التواصل لدى الحيوان. فكيف يمكن لأصوات (حروف الأبجدية مثلا) وكلمات (مفردات القاموس) متناهية العدد أن تعبر عما لانهاية له من المضامين؟ يعود ذلك إلى خاصية التمفصل المزدوج التي كشف عنها اللساني الفرنسي أندري مارتيني. وتتلخص في نوعين من التمفصل
·
التمفصل الأول: وهو عبارة عن تمفصل اللغة في شكل وحدات صوتية قادرة على التعبير عن خبرة معينة، فهذا النوع من التمفصل هو الذي بوسعه أن يقضي على فردانية الخبرة بتحويلها إلى خبرة لسانية جماعية. وميزة هذا التمفصل أنه اقتصاد لساني: فمن خلال وحدات صوتية محدودة، نستطيع أن نعبر عن تجارب متنوعة، مادامت الوحدات الصوتية تستطيع أن تدخل في سياقات أخرى جديدة، كما أنه اقتصاد سيكولوجي، لأنه يجنب الذاكرة البشرية الاضطرار إلى حفظ وحدات صوتية كثيرة، قد يصل عددها إلى عدد إلى عدد التجارب.(أصغر ما يمكن أن نطلق عليه اسم التفصل الأول هو الجملة).
·
التمفصل الثاني: وهو عبارة عن تمفصل فونيمات (فارغة من المعنى) في وحدات صوتية من التمفصل الأول؛ وهكذا يكون التمفصل الثاني أساس الأول، وميزته أنه يمثل اقتصادا لسانيا : فبواسطة فونيمات محدودة نستطيع إنشاء مورفيمات ومونيمات ودلائل متنوعة تستطيع بدورها أن تدخل في سياقات عديدة من التمفصل الأول. وميزته، كذلك، أنه يشكل اقتصادا فسيولوجيا : فبدونه، سيكون الإنسان مضطرا إلى ابتكار عدد كبير من الأصوات التي قد لا تطابق قدراته الفسيولوجية. من هذا نستنتج، أن النسق اللغوي ليس نسقا لانهائيا إلا من حيث تأليفاته؛ أما من حيث جذوره فإنه يعتبر محدودا. هكذا يستطيع الإنسان أن يعبر عن خبراته المتنوعة د ونما حاجة إلى خلق وحدات صوتية مطابقة لكل الأشياء والأحداث.(لفهم التمفصل الثاني يكفي أن نأخذ كمثل على ذلك الحروف الأبجدية فهي بضع حروف فرغة من المعنى لكن نستطيع أن نصنع بها آلاف الكلمات).